النبي صلى الله عليه وسلم مع المخالفين (التعامل مع الأسرى)

لا توجد حضارة من الحضارات القديمة والحديثة أحسنت تعامل الأسرى كالإسلام، لقد كانت تلك الأمم تقوم بقتل الأسير، وتشويه جسده، وتعذيبه بالنار، انتقامًا من الدولة المحاربة.
أما هديه صلى الله عليه وسلم فقد كان أروع هدي وأزكاه، وكيف لا وهو الرحمة المهداة، لقد كانت القاعدة العامة التي حث عليها الرسول صلى الله عليه وسلم في أول غزوة غنم فيها المسلمون أسرى هي: ((استوصُوا بهم خيرًا)) ولقد تمثل حسن تعامله معهم في مجموعة من المظاهر التي تُنبىء عن قلب ملؤه الرحمة، وعن مشاعر فاضت بالعطف، والحنان.
لقد كان من تعامله معهم أنه كان يأمر بإطعامهم، يقول ابن عباس رضي الله عنهما:"أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه يوم بدر أن يُكرموا الأُسَارى، فكانوا يُقَدِّمُونهم على أنفسهم عند الغداء".
وكان صلى الله عليه وسلم يأمر لهم بالكساء، ولما أتي بالأسارى، يوم بدر، وفيهم عمه العباس، ولم يكن عليه ثوب؛ كساه النبي صلى الله عليه وسلم ثوب عبد الله بن أبي.
ومن حسن تعامله صلى الله عليه وسلم أنه كان يوفر لهم المأوى المناسب، إما في المسجد كما صنع مع ثمامة، وإما أن يؤويهم الصحابة في منازلهم.
ومن روائع مواقفه صلى الله عليه وسلم أنه كان يحترم مشاعرهم الإنسانية احترماً كبيراً، فنهى أن يفرق في الأسر بين والدة وولدها، ومن صور هذه المشاعر أن أبا أُسَيْدٍ الأنصاري رضي الله عنه جاء بسبي من البحرين فَصُفُّوا، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر إليهم؛ فإذا امرأة تبكي؛ فقال: ((ما يُبْكِيكَ)) فقالت: بِيعَ ابني في بني عبس؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي أسيد: ((لَتَرْكَبَنَّ فَلَتَجِيئَنَّ به)) فركب أبو أسيد فجاء به.
لقد رَقَّ قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم للمرأة الأسيرة، فأرسل أحد جنوده إلى بلد بعيد ليأتي بابنها، حتى يهدأ بالها، وتجفّ دموعها! هل هناك قائد عسكريٌّ في العالم ينتصر في معركة، فيشغل نفسه وجنوده لإسعاد امرأة أسيرة بسيطة لا يعرفها أحد؟! صدق الله تعالى إذ يقول: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)(الأنبياء: 107).

مشكور

خاتم الانبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم

منورين الموضوع

» حال النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان
» سنن الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم
» فضل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
» مواقف من حياة النبي محمد ( صلى الله عليه و سلم )
» في مدح الرسول محمد صلى الله عليه وسلم